هل أثق بك ؟؟
عندما يفكر الانسان بالمجازفة في سلوك عاطفي شفاف ، عليه أن يطرح هذا السؤال على نفسه :
" هل بامكاني أن أثق بك ؟ وإلى أي حد ؟ أتراك ستتفهم مشاعري أم سوف ترفضها ؟
أتراك ستسخر مني أم ستشفق علي ؟ "
من المؤسف أننا ، في غالبيتنا نقرر أن لا نجازف ، فننتظر الزمن ليؤكد لنا الجواب : نعم أم لا . لنقنع أو لنقتنع .
فيمر الزمن من دون أن ننعم بالحوارات الشافية والسبب ببساطة أن الحوار لا يُؤجل ، فهو يأتي نتيجة إقدام على قرار بأنني سأثق بك . أنا لست على يقين من صحة قراري ، وقد أشعر بخيبة أمل . ولكني انتقيت المخاطرة ، قررت أن أجازف ، أن أبوح لك بما في نفسي من مشاعر ، وهذا أثمن ما لدي ....ذلك لأنني أحبك .
ولأنني أحبك سأثق بك .
إن من أقوى الحاجات التي فينا ، والتي يمكنها أن تتحول بسهولة إلى هاجس مرضي ، هي الحاجة إلى الشعور بالأمان . لذا فنحن في غالبيتنا نودّ أن ننتقي لنا غرفة نعلق على بابها لافتات صغيرة مثلاً : " خاص " ، " الرجاء عدم الازعاج " .... إننا نبحث عن الأمان ، فنحاول أن نحمي أنفسنا من اجتياح الآخرين لنا بأسئلتهم التي تحاول سبر أغوارنا بفضولية ترمي إلى معرفة كل ما يدور في فلكنا ، إنه ليس من عري آلم من العري السيكولوجي .
إن الحاجة إلى الأمان ، إلى الشعور بالحماية من فضولية الآخرين ، تؤول إلى تطور تلك الخرافة التي تقول إن في كل منا حاجة إلى مكان خاص يلجأ إليه وفيه يختلي بذاته ويمنع الآخرين من الولوج إليه .
إنه كلام نحب سماعه ، وواقع نؤثر النظر إليه وقد يؤمن به العديد من الناس . ولكنه لا يتعدّى كونه خرافة مضللة .فبدل أن نبني لذواتنا مكاناً خاصاً لا يدخله أحد علينا أن نعرف كيف ننفتح في علاقة حميمة وصداقات تدخلنا في عالم الآخرين وتفسح المجال للآخرين كي يدخلوا عالمنا . من المهم أن أنعم بفسحة خاصة ، ولكن يجب ألا تتحول تلك الفسحة الخاصة إلى مربع أسرح فيه وأمرح لوحدي خشية أن يُقضى بذلك على الألفة التي هي ضرورة لعيش ملء الحياة .
أولاً ، لقد أصبح من الواضح ، بل من المبتذل أن تقول أنه بامكاني أن أعرف ذاتي فقط بمقدار ما تسمح لي شجاعتي بأن أبوح بها إليك . فاذا ما شعرت أته بإمكاني أن أزيل من أمامك الحواجز التي وضعت على طريقي ، فسوف أبلغ ، واثقاً من رفقتك ، أماكن داخل نفسي ما كنت يوماً لأحلم بوجودها ، أو أجرؤ على دخولها وحدي .
يجب أن تضع يدك بيدي لأصبح على يقين من أنك ملتزم بحبي فأتمكن من الاقدام على التعرف بصدق إلى ذاتي .
ثانياً ، لن يكون حبك فاعلاً إلا بقدر ما لدي من الاستعداد كي أبوح لك بما في نفسي . وعندما تقول لي ، بطريقة أو بأخرى ، إنك تحبني ، فذاك يعني انك تعرفني ، لأن حبك لي يتضاءل بقدر ما أخفي عنك ذاتي . فباستطاعتك أن تحبني حقاً فقط بقدر ما تتعرف إلى حقيقتي.
ولكن ما العمل مع تلك " الغرف القديمة المغلقة " في داخلنا منذ زمن بعيد وفيها من الأسرار ما هو مزيج من العواطف وسواها ؟
على كل انسان أن يقدّر مدى استقرار العلاقة بالآخر وعمق التفاهم والقبول المتبادل . آنذاك يمكنه أن يقرر هل من الحكمة أن يواجهه أم ينتظر اليوم الذي فيه يصبح التفاهم والقبول، من العمق بما يسمح للمرء أن يتحمل عبء تلك المواجهة . ولكن الاحجام الدائم عن البوح بالحقيقة سيبقي على خلل دائم في العلاقة ، ويستمر حجر عثرة في طريق ذلك الحب الذي ما كُتب له أن يرى النور .
واشكركم على اتساع صدوركم ووقتكم لماسبق,,,,,
ودمتم بكل الحب